يُحدِدان موعد، الساعة الخامسة مساءًا في المقهى آخر الشـارع.. يتقابلان وبينهما طـاولة المقهى الخشبية، تضع سـاقًا على الأخرى وتشبك يديها تحت ركبتيها.  
تقول لصديقها : لو كنت ستسألني لكـم أحببته،  سأقول لك أني أحبه طوال الدهر.. من آول المـاضي إلى آخر المستقبل.  

لو كنت ستسألني كم عِشت معه لقلت لك أنها لحظة، كل ماحصل كان لحظة صافية تمامًا. لن أذكر في هذه اللحظة وجهه أو نبرة صوته أو كبرياءه.سأذكر إسمه، يكبر في عقلي حتى ينفجر ، مثل شاشة توقف.. يومض هنا ويومض
هنـاك بألوان مختلفة..  .
ولن أستطيع أن أصف هذه اللحظة كـما أريد. ستمر لحظة خفيفة لا تُثقل الوقت.

وأنها لخسارة كبيرة أن ينتهي حب كهذا كـنهايات العلاقات العابرة.. ببرود. 

تسكت لبرهه، ترتشف من فنجانها بضع رشفاتٍ وتُكمل : لكـني بعدما رحل في حزنٍ مستمر، في حدادٍ على الماضي، توجعني كلمة عابرة كان يقولها لي.. أو نص كتبته عندما كنا معًا.. أو حتى قنينة عطرٍ كانت بجانب سريري عندما كان يهاتفني تعصر قلبي. 

مايُقلقني هو أني سأبقى بعده وحيدة، مع ذكرياته.. وحيدة بها ؛ لأني أرتديت الحب لأول مرةٍ بمقاسٍ كبير.. ولن أجد حبًا بعده يُرضيني. 

تسكت طويلًا، تحدق في المُسرعين خلف النافذة .. إلى الشمس كيف ترسل أشعتها وتكسر الزجاج ثم تنعكس على عينيّها العسلية.

تفوق من إغمائتها وتقول : 
لقد كـان الخيط الذي يجرني إلى الحياةِ وبهجتها، كان الخيط الوحيد.. فقدت شهيتي للحياة.  شهيتي للفرح. وشهيتي للدهشة. لكنـه فتح شهيتي للكِتابة.. فكما تعرف عندما أحببته لم أكتب إلا في مناسباتِ خصامنا، وعندما يقول لي " أحبكِ " أتوقف عن الكِتابة، كانت هذه الكلمة تملأني. 

كيف إفترقنا؟ لا أعرف.. كأي نهايـة لا نريدها إفترقنا وأنا أريده وأعرف أنه يريدني.. لكنه يظن أن الحب لا يُريدنـا. ووضع نقطة النِهاية في سطر حبي ثم مضى. لكني وضعت نقطتين في صفحة حبه ولم أمضي، لا أريد أن أمضي، ولا أريد أن أنسى. . حتى الآن. 
لا أعرف حياة آخرى أستطيع أن أتخلص فيها من رماده، أو أن أنفض بها الغربة التي أورثني عندما ذهب.  

يقول صديقها بعد أن أسترسلت في الصمت : لكنكِ كنتِ تعلمين عندما ذهب سيرديه الموت.. او تُرديهِ الذاكرة.  
تُنهي قهوتها الباردة من الكلام، وتُجيب عليهِ بصوتٍ خافت : نعم.